السحيمي: البيجيدي ما كان ليصل إلى الحكومة في عهد الحسن الثاني

20 أكتوبر 2014 - 09:24

في الحوار التالي يتحدث مصطفى السيحيمي المحلل السياسي وأستاذ للقانون الدستوري، عن علاقة الملك الراحل الحسن الثاني مع الاسلاميين، وهل كان سيسمح بوصول البيجيدي للحكومة؟، كما يجيب عن سؤال: هل كان الحسن الثاني سيقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية؟.

هل هناك علاقة بين الاختيارات والقرارات الاستراتيجية بالمغرب وبين شخص الملك؟

أجل هناك علاقة بين شخص الملك وبين القرارات الاستراتيجية للمغرب، إلا أن الأمر لا يتعلّق بعلاقة ميكانيكية، بمعنى أن هناك إكراهات موضوعية تؤثّر في هذا الاتجاه، بعضها من نوع داخلي، من قبيل حالة الاقتصاد وإكراهات النمو وتوفير الشغل وامتصاص البطالة والأزمة الاجتماعية وتعبئة مصادر التمويل من الخارج… وبعضها الآخر تفرضها عوامل خارجية، من قبيل الانفتاح المتواصل للاقتصاد الذي يقحمنا أكثر فأكثر في العولمة ويفرض علينا منافسة أكبر. فالخمسون اتفاقية للتبادل الحر التي وقّعها المغرب تفرض علينا تأهيل قدراتنا الإنتاجية في محيط إقليمي تنافسي أكثر فأكثر.

كل هذه العوامل لا يمكن إلا أن يعطيها الملك أهمية كبرى حين يأخذ القرار الاستراتيجي، مع إدراجها جميعا داخل رؤيا واضحة ومشروع مجتمعي يستدمج المؤهلات الموجودة والثروات المتوفرة في مقاربة إرادية. فالأوراش والمشاريع الكبرى للبنية التحتية التي ترافقها، مثل ميناء طنجة المتوسطي والطرق السيارة والموانئ والمشروع الضخم للطاقة الشمسية بورزازات، هي بمثابة قرارات استراتيجية تتجاوز الحكومات والولايات التشريعية. أقصد أن الملك كانت له منذ البداية هذه القدرة على الاستباق والتوقع من أجل مغرب الغد.

بعد 15 سنة من رحيل الحسن الثاني، هل تعتقد أنه كان سيتخذ قرارات من قبيل اقتراح الحكم الذاتي في الصحراء لو كان على قيد الحياة؟

بخصوص قضية الصحراء، أول ما يثيرني في المقارنة بين الملكين، الحسن الثاني، ومحمد السادس، هو الاستمرارية. خيار عدم التنازل عن شبر واحد والتمسك بالوحدة الترابية، والسيادة الوطنية، والاستقلال. وانطلاقا من هذه القاعدة التي تعكس في الحقيقة الإجماع الوطني، كيف تميّز تدبير ملف الصحراء في السنوات الأخيرة؟ تتحدث عن مقترح الحكم الذاتي الذي قدّمه المغرب أمام الأمم المتحدة في أبريل 2007، فهل يتعلّق الأمر بطرح جديد؟ أذكّركم أن الحسن الثاني طرح فكرة الطابع البريدي»التمبر» والعلم منذ نهاية السبعينيات، وأبان عن استعداد للتفاوض حول كل ما تبقى. ماذا يعني ذلك؟ يعني أن الصلاحيات الملكية ومجال السيادة لا يمكن مناقشتهما. وفي يوليوز 1978، كان قد برمج لقاءً يضم الحسن الثاني وبومدين قرب العاصمة البلجيكية بروكسيل، والهدف، مناقشة حل من قبيل الحكم الذاتي، ولم ينعقد هذا اللقاء بسبب بدايات مرض الرئيس الجزائري، وربما كان انعقاده سيؤدي إلى تفاهم مغربي جزائري.

بالنظر إلى التحضيرات التي قام بها لإدماج جزء من الإسلاميين في حزب سياسي معترف به، هل تعتقد أن الحسن الثاني كان سيقبل بوصول الإسلاميين إلى السلطة؟

لقد كان الحسن الثاني براغماتيا في تعامله مع الإسلاميين. فعندما نشر عبد السلام ياسين رسالته الشهيرة: «إلى من يهمه الأمر» سنة 1973، تمت إدانته وإيداعه في مستشفى للأمراض العقلية. بعد ذلك، أغلق الملك الحقل الديني، مبقيا على مجالات جد محدودة وحريصا على عدم تجاوزها للوصول إلى المجالين الاجتماعي والسياسي. واستمر الحسن الثاني على هذا النهج طيلة عقدين من الزمن، حيث سمح لنشطاء إسلاميين قلائل من بينهم عبدالإله بنكيران، باللجوء إلى حزب الراحل عبد الكريم الخطيب عام 1997. وفي تلك السنة نفسها تمكن هؤلاء الإسلاميون من الحصول على تسعة مقاعد في البرلمان.

ما الذي كان سيقع لو أمدّ الله في عمره؟ لا أحد يعرف ولا أحد يمكنه أن يُنطق الأموات، لكن الفرضية الأرجح تتمثل في نوع من التقنين والتفاهم الذي جرّب قبل ذلك مع الكتلة وأوصلها إلى الحكومة عام 1998، وذلك من خلال منح «كوطا» معينة لحزب العدالة والتنمية.

أما من حيث الشخصية التي كان يرجّح أن يفضّل الحسن الثاني التعامل معها، فقد كان سيميل أكثر إلى الدكتور سعد الدين العثماني، منه إلى عبدالإله بنكيران، باعتبار هذا الأخير «شعبويا». كان سيتحكم في اللعبة السياسية قبل الانتخابات، أي بشكل مسبق، حتى لا يتمكّن الحزب الإسلامي من تصدّر النتائج، ودون حاجة إلى إعادة كتابة التاريخ، فقد تعرّض حزب العدالة والتنمية لهذا التقليص بعد أحداث الدار البيضاء الإرهابية عام 2003، واتهامه بالمسؤولية المعنوية على هذه الفاجعة.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي