مغربيات ينتحلن هوية السوريات لاحتراف التسول

23 يناير 2017 - 14:15

لم يعد التسول مرتبطاً بالصورة النمطية، التي ترسبت في أذهان الكثير من الناس، والتي تقدم المتسول كشخص يعيش الحرمان، ويبحث عن كسرة خبز يسد بها رمق أبنائه، بعد استدراره عطف المارة في الشوارع وأمام أبواب المساجد، بل أصبحت مهنة تخضع لأشكال من التطور والإبداع، وتذر على محترفيها دخلا كبيرا، يفوق كل التصورات.

« اليوم24 » تسلط الضوء على طريقة خاصة في التسول، أبدعها مغاربة منذ سنتين، وتستند إلى مبدأ « مصائب قوم عند قوم فوائد »، ويتعلق الأمر بالتسول عن طريق تقمص دور المهاجرين السوريين، وهو أسلوب جديد يعتمد على آليات أساسية أهمها « الباسبور الأخضر ».

هكذا كانت البداية !!

روايات أقرب إلى الخيال تلك التي قدمها مواطنون مغاربة حول مغربيات يمتهن التسول، ويقدمن أنفسهن على أساس أنهن سوريات هاربات من جحيم الحرب، ويبحثن عن ملاذ آمن للعيش، ينسيهن محنة ما تعرضن له في بلاد الشام.

يقول سائق سيارة أجرة صغيرة في مكناس لـ »اليوم 24″، إن ما يحصل في ملتقيات الطرق، وأمام المساجد، وفي أماكن أخرى، غريب ولا يمكن تصوره، على اعتبار أن المواطن يعتقد أن النساء اللواتي يتسولن هن بحق سوريات، بينما هن مغربيات يتقمصن دور السوريات، ويجتهدن في ترديد عبارة « إخوانكم من سوريا مهجرين ».

وأضاف سائق سيارة الأجرة، أنه في إحدى المرات « ركبت إلى جانبي شابة في مقتبل العمر، كانت ترتدي زيا سوريا، قبل أن تشرع في تغيير سلهامها الأسود، وبدأت في التحدث إلي بلهجة مغربية دارجة، فسألتها: آلست سورية؟ فكان ردها أنها مغربية تمتهن التسول بطريقة توحي للمارة أنها من بلاد الشام ».

دهشة السائق ازدادت بعدما طلبت منه الشابة تصحيح مبلغ نقدي عبارة عن قطع نقدية، تجاوز مبلغ 300 درهم، مرددة « هادشي كي والو اليوم ».

« الباسبور » الأخضر..

تختار شريحة من المتسولات السوريات في الأماكن العمومية إشهار جواز سفرهن لكسب ود وعطف المارة، بل إنهن يشرعن في ترديد معاناتهن مع الحرب، وكيف قاسين للوصول إلى المغرب، طبعاً هرباً من جحيم الصواريخ والقذائف الحربية.

لغز « الباسبور » دفع سائق سيارة الأجرة إلى استفسار الشابة المغربية، وكيفية حصولها على جواز سفر أخضر، فجاء الرد سريعاً « شديت واحد السورية ونتفتها وخديت ليها الباسبور »، مؤكدة أن « الحاجة أم الاختراع »، طبعا هو اختراع وإبداع في أشكال التسول وطرقه.

إخوانكم مهجرين من سوريا..

تعمد السوريات أمام أبواب المساجد وفي ملتقيات الطرق، إلى ترديد عبارة « اخوانكم من سوريا.. مهجرين يا حباب »، ليتعرف عليهن المغاربة، ويجودون عليهن بما تيسر من دريهمات، لكن المفاجأة حصلت بعد اكتشاف مغربيات يتقن لهجة السوريات، بل يتحدثن بها بطلاقة للإيقاع بضحاياهن، وحتى الزي الأسود ومحفظة الوثائق، تحضر في العملية، تجناً لإثارة الشكوك، كي لا تنكشف لعبتهن.

المتسولون الذكور

يحكي مواطن يقطن في حي « البساتين »، اسمه يوسف (ع) في مكناس لـ »اليوم24″، كيف أن مغربياً وقف أمام باب المسجد، وشرع في ترديد عبارة « إخوانكم مهجرين »، لكن الصدفة قادت لينكشف أمر المغربي، الذي لم يكن سوى واحد من الوجوه المألوفة أمام أبواب المساجد، حيث نهره أحد المصلين « سير تنعل الشيطان ».

وأضاف المتحدث أن المتسول المغربي، الذي أراد أن يظهر بـ »لوك » سوري، وبعدما انفضح أمره، قال للمصلين « واش نموت بالجوع »، وكأن الأمر يتعلق باستغلال كل الحيل للتحايل على المواطنين.

ملتقيات الطرق وأبواب المساجد..

تنتشر ظاهرة التسول بالزي السوري في مدن فاس ومكناس، بل في عدد من المدن المغربية التي يستقر فيها السوريون الهاربون من جحيم بشار الأسد، ففي مكناس تصادف نساء سوريات بالشارع الرئيسي لطريق فاس، وأمام أبواب المساجد، وفي ملتقيات الطرق الكبيرة، تجدهن جنباً إلى جنب مع أفراقة من جنوب الصحراء ومغاربة، مما يجعل التمييز بين « الأصلي » و » الشينوا » على حد وصفه صعباً، الشيء الذي يسمح بتحقيق شروط بقاء واستمرارية ظاهرة « التسول الاحتيالي ».

وفي مدينة فاس، يقف نساء ورجال من سوريا في الملتقى الطرقي الكبير بجوار سوق مركري عند طريق « إموزار كندر »، وتعمد المغربيات، حسب رواية المواطن هشام (ح) لـ »اليوم24″، إلى تغيير زيهن داخل حقول الزيتون المجاورة، ويقضين يومهن بزي سوري، قبل أن يتوغلن في حقول الزيتون مرة أخرى، لتعود « حليمة » لأصلها الأول.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي