أعطى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اليوم الثلاثاء بمدينة الرشيدية، الانطلاقة الرسمية لنظام جديد لدعم المقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة، يمكن أن تصل فيه نسبة التمويل إلى 30% من قيمة المشروع الاستثماري، على أن تساهم المقاولة بنسبة 10%، فيما يمكن استكمال الباقي عبر تمويل بنكي.
وأكد رئيس الحكومة في كلمته خلال حفل إطلاق المشروع، أن هذا النظام يُعد من أهم آليات الدعم التي جاء بها الميثاق الجديد للاستثمار، لما يكرسه من بعد ترابي يضمن توزيعاً منصفاً لفرص الاستثمار عبر مختلف جهات المملكة، ويعزز دور المقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة في تحريك عجلة النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل.
وأوضح أن النظام الجديد يقوم على ثلاث منح أساسية:
منحة مخصصة لخلق مناصب شغل قارة، منحة ترابية تشجع الاستثمار في المناطق الأقل استفادة من الاستمارات، ومنحة موجهة للأنشطة ذات الأولوية.
ويمكن أن يصل مجموع هذه المنح إلى 30% من مبلغ الاستثمار، وهو ما يمثل تحفيزاً قوياً للمقاولات على الانخراط في مشاريع تنموية محلية.
وأشار أخنوش إلى أن تفعيل هذا النظام تم عبر إصدار أربعة نصوص تنظيمية تحدد فروع الأنشطة حسب الجهات، والأنشطة ذات الأولوية، والعمالات والأقاليم المعنية بالمنحة الترابية، إلى جانب الوثائق المطلوبة لتكوين ملفات الاستثمار.
وفي سياق تعزيز اللامركزية في تدبير الاستثمار، أوضح رئيس الحكومة أنه أصبح بإمكان الجهات المصادقة والتوقيع على اتفاقيات استثمار تقل قيمتها عن 250 مليون درهم، ما من شأنه تسريع اتخاذ القرار ودعم الحكامة الجهوية.
وأضاف أن المساطر المتعلقة بالدعم تنجز بالكامل على المستوى الجهوي، بدءاً من إيداع الملفات ودراستها من طرف المراكز الجهوية للاستثمار، إلى المصادقة عليها من قبل اللجان الجهوية الموحدة، ثم توقيع الاتفاقيات وصرف الدعم المالي من طرف المراكز ذاتها.
وأكد أخنوش أن الحكومة تعتبر هذا النظام ركيزة أساسية لخارطة الطريق لإنعاش التشغيل التي تم إطلاقها في فبراير 2025، لما له من أثر في تحفيز الاستثمار المحلي وتمكين الشباب من فرص الشغل.
وقال إن اختيار مدينة الرشيدية لإطلاق هذا الورش يعكس المكانة التي تحظى بها جهة درعة–تافيلالت، بما تزخر به من مؤهلات بشرية وطبيعية وثقافية، مشيراً إلى أن النظام يجسد الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الرامية إلى جعل الاستثمار رافعة مركزية للتنمية الشاملة والمستدامة.
وأضاف رئيس الحكومة أن المقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة تمثل أكثر من 90% من النسيج الاقتصادي الوطني، وتشكل «القلب النابض» للاقتصاد المغربي، مبرزاً أن هذا النظام الجديد يأتي لمواكبتها وتعزيز تنافسيتها وفق رؤية تضمن العدالة الاجتماعية والمجالية.
وأوضح أخنوش أن إطلاق هذا النظام يندرج ضمن دينامية شاملة للإصلاح الاقتصادي التي انخرط فيها المغرب منذ اعتماد الميثاق الجديد للاستثمار، حيث صادقت اللجنة الوطنية للاستثمار على 250 مشروعاً بقيمة إجمالية بلغت 414 مليار درهم، مكنت من إحداث نحو 179 ألف فرصة شغل مباشرة وغير مباشرة، 70% منها لمستثمرين وطنيين.
وأشار إلى أن هذه المشاريع تشمل مختلف جهات المملكة وقطاعات متعددة، وأن أزيد من 60% منها دخلت حيز الإنجاز، مما يعكس الحيوية المتزايدة في المشهد الاستثماري الوطني.
كما أبرز أخنوش أن الحكومة انكبت على تحسين مناخ الأعمال عبر خارطة طريق 2023–2026، تضمنت تبسيط المساطر، وتيسير إحداث المقاولات إلكترونياً، وإصلاح النظام الجبائي، وتقليص آجال الأداء، إلى جانب إرجاع أكثر من 30 مليار درهم من الضريبة على القيمة المضافة لفائدة المقاولات خلال السنتين الأخيرتين.
وأكد أن الحكومة عملت كذلك على إصلاح منظومة الصفقات العمومية لتخصيص 30% من مبالغها للمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة والمقاولات الناشئة المبتكرة، بما يعزز إشراكها في الدورة الاقتصادية الوطنية.
واختتم رئيس الحكومة كلمته بالتأكيد على أن هذه الجهود مكنت من تحسين المؤشرات الاقتصادية الوطنية، حيث ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 35% لتبلغ 44 مليار درهم سنة 2024، وسجل الاقتصاد الوطني نمواً بنسبة 3.8% السنة الماضية، ويتوقع أن يصل إلى 4.8% نهاية السنة الجارية، مع تحكم في التضخم في حدود 0.9%، وانخفاض معدل البطالة وخلق أكثر من 167 ألف منصب شغل جديد خلال الفصل الثالث من 2025.
وأكد أن هذه النتائج تشكل دليلاً على أن المغرب يسير بثبات نحو تحقيق أهداف “مسيرة المغرب الصاعد”، القائمة على دعم المقاولات، وتحفيز الاستثمار، وترسيخ العدالة المجالية والتنمية المستدامة.