شريط الأخبار

خبير يدعو لمراجعة جذرية للنموذج الفلاحي ويحذر من استمرار "التذبذب المناخي" في المغرب

16 نوفمبر 2025 - 10:00

قال الخبير الاقتصادي المغربي، أمين سامي، إن البيانات الحديثة بشأن توقعات هطول الأمطار هذا العام، تشير إلى « تذبذب مناخي مستمر مع تسجيل تحسن نسبي وديناميكي في حقينة السدود مؤخرًا بالمغرب ».
وأضاف في حديثه مع « سبوتنيك »، أن « توقعات هطول الأمطار التي كانت سلبية في بداية الموسم الفلاحي، شهدت عدة مناطق في المغرب (خصوصًا في مارس – نونبر 2025) تساقطات مطرية وثلجية هامة، مما أدى إلى تحسن ظرفي ».
وأوضح أن « المقاربة الاستشرافية تؤكد أن الجفاف لم يعد مجرد ظاهرة ظرفية بل هو تحول هيكلي في النظام المناخي، وبالتالي ومن خلال التقارير الدولية فإن التوقعات طويلة الأمد (حتى 2050) تشير إلى تراجع في معدلات الأمطار وارتفاع في درجات الحرارة ».

أما فيما يخص حجم امتلاء السدود (أرقام نوفمبر 2025)، أوضح أنه بحلول 10 نوفمبر 2025، بلغت النسبة الإجمالية لملء السدود نحو 30.8% من إجمالي السعة، بموارد مائية متوفرة تقارب 5176 ملايين متر مكعب. وبالتالي فهذه الأرقام، على الرغم من كونها أفضل قليلاً من سنوات الجفاف القاسية السابقة في بعض الحالات (حيث سجلت ارتفاعًا ملحوظًا في مارس 2025 تجاوز 37%)، إلا أنها لا تزال تحت العتبة الحرجة للاستقرار المائي، وهذا يؤكد استمرار حالة الإجهاد المائي الشديد مما قد يؤدي إلى انخفاض حصة الفرد من المياه.
وأشار إلى أن الانعكاسات الاقتصادية للجفاف مستمرة وتزداد تعقيدًا لكونها لم تعد تنحصر في القطاع الفلاحي فحسب، بل تمتد لتشمل ميزانية الدولة والقدرة الشرائية للأسر.

تأثر قطاع الفلاحة

وأوضح سامي أن القطاع الفلاحي يؤثر ويتأثر بالمؤثرات النسقية، وأن الأخير يُسهم بنحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر نحو 30% من فرص العمل. ومع استمرار الجفاف للعام السابع على التوالي (بما في ذلك 2025)، تتأثر القيمة المضافة الفلاحية بشكل سلبي، مما قد يؤدي إلى: تفاقم البطالة في المناطق القروية. وانخفاض في إنتاجية المحاصيل الأساسية (مثل الحبوب)، مما سيؤثر على الأمن الغذائي ويزيد من فاتورة الواردات (عجز في الميزان التجاري).

وأضاف الخبير الاقتصادي أن التأثيرات الماكرو-اقتصادية قد تمتد لتشمل: التضخم: من خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية بسبب نقص الإنتاج المحلي، ما يضغط على القدرة الشرائية للأسر.الميزانية والمديونية: وبالتالي الحاجة إلى رصد اعتمادات مالية ضخمة لبرامج الدعم وتحلية المياه والتزويد بالماء، مما يزيد من الضغط على الميزانية العامة وربما يؤدي لارتفاع طفيف في المديونية.
ولفت إلى أن بدائل الحكومة لتعويض الانعكاسات الاقتصادية (الاستجابة والابتكار) اعتمدت الحكومة المغربية استراتيجية متعددة المحاور للتعويض عن الانعكاسات الاقتصادية السلبية، وهي تتجه نحو تنمية قطاعات غير الفلاحية واستثمارات هيكلية لمواجهة الإجهاد المائي، من خلال التنويع الاقتصادي (الرافعة التعويضية).
القطاعات غير الفلاحية
ويُراهن الاقتصاد المغربي على صمود وانتعاش القطاعات غير الفلاحية (مثل الصناعات الاستخراجية، صناعة السيارات والطائرات، السياحة، والطاقة المتجددة) لتأمين معدلات نمو إيجابية تتراوح بين 4% و4.5%، وهو نمو أصبح شبه مضمون بفضل هذه القطاعات حتى مع ضعف الموسم الفلاحي.
تداعيات اقتصادية
وبشأن حجم التأثير حال استمرار الجفاف لهذا العام يقول الخبير المغربي: في حالة استمرار الجفاف بحدة خلال بقية العام 2025 (نهاية الموسم الفلاحي)، فإن حجم التأثير سيشكل تحديًا كبيرًا، يتجاوز الخسائر المباشرة: التأثير على النمو الاقتصادي (من حيث الأرقام): من المتوقع أن يتبخر الهدف الطموح للنمو الذي يتجاوز 4.7%، ليصبح النمو الفعلي في حدود 3% (أو أقل)، حيث سيكون النمو مدعومًا بشكل شبه كامل بالقطاعات غير الفلاحية، بينما يساهم القطاع الفلاحي بقيمة مضافة سلبية، وبالتالي فإن التحدي الجذري يكمن في أن الاعتماد على سخاء السماء في القطاع الفلاحي (الذي ما زال يتطلب نقطة أو نقطتين من النمو للوصول للنمو المستهدف)، يجعل هذا النمو غير مستدام ومرهون بالتقلبات المناخية.

التكلفة الاجتماعية: من خلال تزايد الهشاشة الاجتماعية، حيث استمرار انكماش فرص الشغل في القرى وتراجع مداخيل الفلاحين، مما يرفع من مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد والبطالة في المناطق القروية ويزيد من وتيرة الهجرة القروية، بالإضافة إلى الضغط على الموارد مما سيزيد إدارة الطلب على المياه وضرورة فرض المزيد من القيود على استهلاك المياه في مختلف القطاعات، بما في ذلك الاستهلاك المنزلي والصناعي.

ويرى الخبير أن الحكومة مطالبة بتسريع ومراجعة فورية وجذرية للنموذج الفلاحي المغربي، والتحول الكامل نحو « الفلاحة الخضراء والمستدامة » التي تعتمد على تقنيات موفرة للمياه ولا تركز على محاصيل مستنزفة للموارد. كما أننا مطالبون بالإسراع في إنجاز المشاريع الكبرى للمياه (تحلية، سدود، ربط)، والانتهاء من المخطط الاستراتيجي للماء في 2027 للتحكم بشكل أكبر في مياه السقي.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *