أكدت فاطمة التامني، القيادية في فيدرالية اليسار الديمقراطي، أن المغرب يعيش اليوم مرحلة عنوانها الأبرز هو الردة الحقوقية والاجتماعية، مشيرة إلى التراجع الملموس في الحقوق والحريات، وإلى التضييق على أصوات النساء في الفضاء العام، فضلاً عن استغلال الدين والأعراف لتبرير القوانين التمييزية التي تمس كرامة النساء وحريتهن.
واعتبرت التامني أن القضية النسائية ليست قضية تكميلية أو ثانوية، بل هي قضية سياسية بامتياز، لأنها ترتبط بشكل مباشر بكيفية توزيع السلطة والثروة داخل المجتمع، وبموقع النساء في منظومة الإنتاج واتخاذ القرار السياسي والاقتصادي والثقافي. وأبرزت أن التمييز ضد النساء ليس قدراً طبيعياً، بل هو نتاج لبنية اقتصادية واجتماعية ذكورية استبدادية تسعى إلى تأبيد السيطرة والهيمنة، مما يعيق تحقيق المساواة الحقيقية التي لا يمكن بدونها قيام ديمقراطية فعلية.
و في معرض حديثها عن راهنيّة النضال النسائي في مواجهة هذه الردة الحقوقية، شددت النائبة البرلمانية على أن المرحلة الحالية تتسم بتراجع الحقوق والحريات والتضييق على التعبير النسائي في الفضاء العام، مع استمرار استغلال الأعراف والدين لتبرير قوانين تمس كرامة النساء وحريتهن.
وأضافت أن الصور المأساوية لنساء يواجهن العنف الأسري والمؤسساتي وحرمانهن من الولوج إلى العدالة تمثل نتيجة مباشرة للسياسات والممارسات التمييزية، مبرزة أن الخطابات الرسمية حول التمكين والمناصفة لا تعكس واقعاً ملموساً، إذ ما يزال أكثر من نصف النساء بالمغرب خارج سوق الشغل، وتشتغل أغلب العاملات في القطاع غير المهيكل دون حماية اجتماعية، فيما تواجه نساء العالم القروي تهميشاً مركباً اقتصادياً وثقافياً وخدماتياً.
وأكدت النائبة البرلمانية عن حزب « الورقة »، في كلمتها خلال المؤتمر التأسيسي للتنظيم النسائي لفيدرالية اليسار الديمقراطي، أن هذا المؤتمر يتجاوز البعد التنظيمي الضيق ليشكل محطة سياسية وفكرية بامتياز، لما يحمله من رسالة مفادها أن النضال النسائي جزء أصيل من النضال الديمقراطي ومن المشروع المجتمعي الهادف إلى بناء مغرب العدالة الاجتماعية والكرامة والحرية والمساواة الفعلية.
وأوضحت أن هذا اللقاء يأتي في سياق وطني يتسم بتصاعد التفاوتات الاجتماعية وغلاء المعيشة، إلى جانب ما وصفته بضرب مكتسبات الشغل والتعليم والصحة، مما أدى إلى اتساع رقعة الهشاشة والفقر في المجتمع المغربي. وشددت على أن تراجع الدولة الاجتماعية يجعل من النساء أولى الضحايا، سواء في البوادي المهمشة أو في المدن الكبرى التي تزداد فيها قساوة الظروف على الفئات الشعبية.
ويأتي المؤتمر التأسيسي للتنظيم النسائي لفيدرالية اليسار الديمقراطي في إطار مسار إعادة هيكلة التنظيمات الموازية للفيدرالية، بهدف توحيد المبادرات النسائية اليسارية وتطوير رؤى جديدة للنضال من أجل المساواة والمناصفة الفعلية، وتعزيز حضور النساء في الفضاءين السياسي والمجتمعي، انسجاماً مع توجهات الفيدرالية لبناء يسار اجتماعي ديمقراطي حديث.